responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 541
يَحْزَنُونَ لِإِفَادَةِ تَخْصِيصِهِمْ بِنَفْيِ الْحُزْنِ فِي الْآخِرَةِ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَلَمَّا كَانَ الْخَوْفُ وَالْحُزْنُ مُتَلَازِمَيْنِ كَانَتْ خُصُوصِيَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا سَارِيَةً فِي الْآخَرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ مُقَابل لقَوْله: وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [الْبَقَرَة: 61] وَلِذَلِكَ قُرِنَ بِعِنْدَ الدَّالَّةِ عَلَى الْعِنَايَةِ وَالرِّضَى. وَقَوْلُهُ: وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ مُقَابِلَ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ [الْبَقَرَة: 61] لِأَنَّ الذِّلَّةَ ضِدُّ الْعِزَّةِ فَالذَّلِيلُ خَائِفٌ لِأَنَّهُ يَخْشَى الْعُدْوَانَ وَالْقَتْلَ وَالْغَزْوَ، وَأَمَّا الْعَزِيزُ فَهُوَ شُجَاعٌ لِأَنَّهُ لَا يَخْشَى ضُرًّا وَيَعْلَمُ أَنَّ مَا قَدَّرَهُ لَهُ فَهُوَ كَائِنٌ قَالَ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المُنَافِقُونَ: 8] وَقَوْلُهُ: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ مُقَابِلَ قَوْلِهِ: وَالْمَسْكَنَةُ لِأَنَّ الْمَسْكَنَةَ تَقْضِي عَلَى صَاحِبِهَا بِالْحُزْنِ وَتَمَنِّي حُسْنِ الْعَيْشِ قَالَ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [النَّحْل: 97] فَالْخَوْفُ الْمَنْفِيُّ هُوَ الْخَوْفُ النَّاشِئُ عَنِ الذِّلَّةِ وَالْحُزْنُ الْمَنْفِيُّ هُوَ النَّاشِئُ عَن المسكنة.
[63، 64]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 63 إِلَى 64]
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (64)
تَذْكِيرٌ بِقِصَّةٍ أُخْرَى أَرَى اللَّهَ تَعَالَى أَسْلَافَهُمْ فِيهَا بَطْشَهُ وَرَحْمَتَهُ فَلَمْ يَرْتَدِعُوا وَلَمْ يَشْكُرُوا وَهِيَ أَنَّ أَخْذَ الْمِيثَاقِ عَلَيْهِمْ بِوَاسِطَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَعْمَلُوا بِالشَّرِيعَةِ وَذَلِكَ حِينَمَا تَجَلَّى اللَّهُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الطُّورِ تَجَلِّيًا خَاصًّا لِلْجَبَلِ فَتَزَعْزَعَ الْجَبَلُ وَتَزَلْزَلَ وَارْتَجَفَ وَأَحَاطَ بِهِ دُخَّانٌ وَضَبَابٌ وَرُعُودٌ وَبَرْقٌ كَمَا وَرَدَ فِي صِفَةِ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعَ
عَشَرَ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ وَفِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ سِفْرِ التَّثْنِيَةِ فَلَعَلَّ الْجَبَلَ مِنْ شدَّة الزلازل وَمَا ظَهَرَ حَوْلَهُ مِنَ الْأَسْحِبَةِ وَالدُّخَانِ وَالرُّعُودِ صَارَ يَلُوحُ كَأَنَّهُ سَحَابَةٌ، وَلِذَلِكَ وُصِفَ فِي آيَةِ الْأَعْرَافِ [171] بِقَوْلِهِ: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ (نَتَقَهُ: زَعْزَعَهُ وَنَقَضَهُ) حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ يَهْتَزُّ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِمُ اسْتَطَارَهُ إِذَا أَزْعَجَهُ فَاضْطَرَبَ فَأَعْطَوُا الْعَهْدَ وَامْتَثَلُوا لِجَمِيعِ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ نَفْعَلُهُ فَقَالَ اللَّهُ لِمُوسَى فَلْيُؤْمِنُوا بِكَ إِلَى الْأَبَدِ» وَلَيْسَ فِي كُتُبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ قَلَعَ الطُّورَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَرَفَعَهُ فَوْقَهُمْ وَإِنَّمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي أَخْبَارٍ ضِعَافٍ فَلِذَلِكَ لَمْ نَعْتَمِدْهُ فِي التَّفْسِيرِ.
وَضَمَائِرُ الْخِطَابِ لِتَحْمِيلِ الْخَلَفِ تَبِعَاتِ السَّلَفِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 541
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست